سقوط التطبيع

والدفاع عن حقوق الفلسطينيين. فما مآل تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل بعد الحرب الأخيرة على غزة في ضوء المطالب الشعبية المتنامية بإسقاط التطبيع وإلغاء اتفاقيات؟ وما آثار هذه الحرب على مخطط إلتحاق دول عربية أخرى بقطار التطبيع؟ وماذا حقق التطبيع للفلسطينيين والقضية الفلسطينية بعد أمس من الجزيرة برودكاست؟ أما خديجة بنغا. وأسعد كثيرا بانضمام الأستاذ عزيز حناوي الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع انضمامه إلينا في هذه الحلقة من البودكاست بعد أمس. نرحب بك أستاذ عزيز. أهلا وسهلا بك.

بررت الأنظمة هرولت. التطبيع هي الأخيرة في الموجة الأخيرة ثبت أن هذه المبررات ساقطة، خاصة وأن النظام السياسي العربي والعواصم للمطبعة انطلقت في هذه المنظومة التطبيعية من شعار الأرض مقابل السلام. قبل أربعين سنة، ثم انتقلت من الأرض مقابل السلام إلى التطبيع مقابل السلام، ثم الآن إلى التطبيع مقابل الكراسي والمصالح القطرية،

أو حتى المصالح الشخصية لبعض الحكام. فإذا المنظومة تطبيعية ساقطة بطبيعتها بغض النظر عن التصعيد والوضع الساخن في القدس وغزة والداخل الفلسطيني الذي إضافة إلى السقوط الأخلاقي للمسار الطبيعي لكي يضعوا في موضع حرج جدا. ولهذا نرى أن عددا من الأصوات التي كانت تتردد كما قلتم في التعبير صراحة عن الموقف من التطبيع أو التعبير صراحة عن الرجوع عما تم من اتفاقيات ساقطة للتطبيع. هذه الألسنة أو المواقف أصبحت الآن

لديها منصة صلبة أو أرضية صلبة للهجوم على القرار. التطبيع الأخير والذي ثبت بشكل جلي أنه بني على أرضية هشة جدا ارتبطت بمصالح ضيقة لعواصم لأنظمة سياسية معينة.

ما سمي بالمبادرة العربية في ألفين واثنين. كل الشعارات التي رفعتها هذه العواصم، فإذا الذي حصل هو أنه ثبت أن سقوط هذه الشعارات والمبررات وفي العواصم الآن هي في ساعة الحقيقة خاصة بعد الحرب الأخيرة والتي انطلقت من باحة الأقصى المبارك. يعني ماذا بعد الأقصى المبارك عندما يشطب من المعادلة في مسيرة ما يسمى الإعلام الإسرائيلي في ذكرى توحيد القدس والاعتراف بها كعاصمة موحدة للدولة اليهودية الخالصة؟ فيدا كل له منطلقات ما سمي عملية التسوية منذ خمسة وأربعين عاما منذ كامب

ديفد إلى اليوم. الآن الكيان الصهيوني ومعه أمريكا ستطبقها من الطاولة لم يعد للقرار السياسي العربي أي مبرر، فيقدمون صعوبه فقط إذا أرادوا أن يصبحوا جزءا من المربع الصهيوني. هو ذلك، لكن التطبيع الآن أصبح أصلا تجاريا فاسدا بكل معطياته والبراهين،

التطبيع صعود ونزول مرتبط به هامش الديموقراطية. هامش المناورة، هامش التحرك لدى الإرادة الشعبية في الساحة المغربية مثلا، يعني قبيل اتفاق الشؤم التطبيع الذي وقع في اثنين وعشرين ديسمبر، كنا على موعد مع عريضة قوية جدا كنا وراءها كمرشد المغرب لمناهضة التطبيع كمجموعة عمل وطني لفلسطين وقعتها أربعمائة شخصية. هذا رقم كبير جدا. لم أقل أربعمائة شخصية وطنية. قيادات حزبية ومن عميد رؤساء النقابات، جمعيات حقوقية، حركات إسلامية، إجماع وطني والعريضة موجودة وقعناها أواخر سبتمبر بعد اتفاق الإمارات والبحرين، ونرفض

زيارة كوشنر وإدخال المغرب في هذه الأجندة. بعدها بشهر وعشرة أيام صدرت تغريدة ترامب، تبعها بلغت دول الملكي بساعتين أو ساعة ونصف، ثم نعيش زمن الاتفاق الشؤم. لكن أذكركم أن الساحة المغربية في البرلمان قبل سبع سنوات شبه إجماع برلماني على مقترح قانون تجريم التطبيع. فإذا نحن إزاء حراك شعبي لم يرتبط فقط بالساحة أو الساعة الساخنة الآن مع التصعيد العسكري الميداني، هي عملية حراك مستمرة ثابتة في ضمير ووجدان الحراك المدني في المغرب. لنا وفي كل الساحات العربية والإسلامية

تتوازى مع أجندة التطبيعية الاستبدادية. قد تتقدم الأجندة الاستبدادية هنا وهناك، لكن يبقى الحراك مستمرا.

من حكومة نتنياهو. وسقطت الحكومة الصهيونية في أواخر عهد ترامب، فلم يجد ترانسبورت الصهيوني المخاطب السياسي في الكيان الصهيوني مع الأنظمة العربية. وازاء ذلك أيضا كما تعلمون اغتيال خاشقجي في المنظومة السياسية في المنطقة سواء في تل أبيب أو في العواصم. الصفقات سقطت في السنتين ثلاث سنوات الأخيرة عشية سقوط ترامب المدوي، فإذا استمر هذا السقوط السياسي وهذه الحالة الترجل في العواصم التي كانت مرشحة لقيادة الصفقة لتصل إلى المحطة الأخيرة مع معركة السيف، القدس التي انطلقت من القدس، والتي كل التحية

لفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني، أسقطت كل مشاريع التطبيع. الآن كل من أراد من العواصم العربية أن يمضي في التطبيع فعليه أن يمر بقدميه فوق مخرجات هذه الحادثة عصر يوم من المواجهة بما فيها مائتين وستين شهيدا وستين طفلا وأكثر من ثلاثين امرأة وآلاف المنازل، والدور هو في حق وسائل الإعلام، وأنتم في الجزيرة كنتم على موعد مع جلمة بحقك وحق البرز الإعلامي الذي أسقط بقاذفات الطيران الحربي الصهيوني في جريمة على الهواء مباشرة رأها العالم كله شعوبا وحكومات.

العربي في المنطقة للأسف الشديد. كيف يمكن لهذه الأجندة التطبيعية التي تقفز على ثوابت القضية تقفز على حقائق الأرض، تقفز على مخرجات الصراع، تقفز حتى على مخرجات العملية السوية التي الآن عمرها خمسة وأربعين عاما، ولم تنتج إلا مزيدا من إنقسام في المنطقة، مزيد من تصدير مزيد من الاستيطان الصهيوني، مزيد من البلطجة الصهيونية التي بلغت حد إعلان القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية الخالصة، وشطب كل ما كان حتى من شعارات التطبيع. فنحن إذن إزاء سقوط أخلاقي يوازيه سقوط ميداني

واقعي سياسي بالحقائق على الأرض، فأيضا السقوط مزدوج. يبقى لهذه العواصم إذا كانت تريد أن تستمر في الأجندة التطبيعية فهي ستنتقل من التطبيع إلى الموقف الصهيوني المباشر. ستصبح ملحقات للمشروع الصهيوني وليست عواصم عربية لديها أجندة اسدي نقبل بها على مضض، يقبلوه بها جدلا وتجاهلا، ويعني مشاكسة معهم. نحن نقول لهذه الأنظمة أصحاب الأجندة التطبيعية أعطونا مخرجات هذا التطبيع، اعطونا بمخرجاته أعطونا ملفا دفتر الحملات حتى نبني عليه.

مصر الآن سياسيا كعاصمة القاهرة أم الدنيا كما يلقبها إخواننا الأشقاء في مصر، أصبحت ضائعة الآن على المستوى السياسي الجيوبوليتيكية في المنطقة بالنسبة للأردن. الفقر فقر في المياه، فقر في الموقف السياسي، بل إنه أجندة التطبيع التي تجاوزت الأردن الآن. أرادت أن تشتم الأردن من المعادلة، بل وجوبيا بأن تباع وتزيح عنه صلاحيات الإشراف على القدس والمسجد الأقصى المبارك والأوقاف المقدسي تحت إشراف السلطة الفلسطينية انطلقت من أوسلو الآن. أبو مازن السلطة الفلسطينية تقول وصلت إلى محطة الأداء واكتشفت أن

أميركا كانت جزءا من وعد بلفور. نراجع خطاب أبو مازن عندما علق على صفقة القرن. فنحن إزاء محطة أداء وصلنا إلى نهاية محطة السير التي تقول لنا الآتي إن الذين انخرطوا في التطبيع انخرطوا بمنطق الانعزالي بمنطق التفاف على القرار الشعبي، وكرروا التطبيع بمنطق قسري جبري بدون حاضنة شعبية. وصل إلى هذه المحطة لأنهم في خيارين إما أن يرجعوا إلى الخيار الشعبي والذي نحن بصدده في معركة القدس الآن، أو أن

يستمروا في التطبيع إلى نهايته وإلى نهايتهم. وللأسف الشديد قد تكون النهاية ربما كيانات وشعوبا، لأن التطبيع بالمناسبة لا يسيء فقط للقضية الفلسطينية. التطبيع يدمر الأنظمة السياسية التي تعرض وهو ويدمر علاقتها بشعوبها ويدمر الأنسجة الوطنية. هذا موضوع خطير للغاية. سرطان ينخر في الأمة حتى في الأنظمة التي تريد أن تبرر التطبيع بمنطق المصلحة القطرية.

التكنولوجيا لهذه العواصم. بمعنى مطلوب منك أن تطبع وأن تركع وتكون جزءا من الأجندة الصهيونية. وممنوع عليك أن تمتلك عناصر التكنولوجيا. وتمتلك قدراتك التكنولوجية والعلمية والتقدم والتنمية. لأنه مطلوب منك أن تكون مطبعيا متخلفا. تقديم التطبيع بأنه يحقق التكنولوجيا للشعوب ويحقق التنمية ويحقق مناصب الشغل. كما قدموا وجارة كوشنر في ورشة المنامة. هذه أكذوبة كبرى. التطبيع يقوم على أساسين. تأبيد الاستبداد تأبيد التخلف. إذا نحن رفعنا واقع الاستبداد سينتهي التطبيع. إذا نحن رفعنا

واقع التخلف سينت في التطبيع. فإذا المطلوب من أجندة التطبيع أن تبقى على أساسين ركيزتين التخلف والاستبداد.

الضامن في برنامجها الوثائقي ثمن أوسلو. إن ثمن أوسلو هو الجريمة التي وقعت بحق الشعب الفلسطيني فيدا اتفاقية أوسلو التي يركبوا عليها اليوم لتبرير التطبيع الذي يلتفوا حتى على مخرجات أوسلو نفسها. نحن إزاء عملية تسارع وتهافت التطبيع في كل مرة. النظام العربي السياسي يضع لنفسه سقفا أودعوا نفسه خطا ثم يتجاوزه. كنا كامب ديفد، مررنا إلى وادي عربة ومرنا إلى أوسلو إلى صفقة القرن، والآن أمام صفقات هجينة كما وقع في السودان. التطبيع مقابل السطحي من لائحة الإرهاب كما كنا في المغرب.

التطبيع مقابل الصحراء، فنحن إزاء عملية تجارة تطبيعية بالمصالح الوطنية القطرية الضيقة التي التطبيع نفسه يهدمها وتجري فيها، وبالتالي الركوب على القرار الفلسطيني الرسمي في أوسلو وسلطة أبو مازن. هذا ركوب ساقت لأن الحقيقة على الأرض الآن ثبتت. حتى السلطة الفلسطينية هي مبتورة عن نبض شعبها، وبالتالي الآن في المعركة

الأخيرة تابع لخطاب أبو مازن. لم يوجه الخطاب إلى أمريكا ولا تل أبيب وإلى الغرب يقولون نحن عندنا فيدا، أوسلو سقطت، وهذا المبرر والشجب الذي عليه يركب مسار التطبيع بالزبون انكسر وتحطم، ولم يبق للعواصم إلا أن تركب على حمار التطبيع، وليس حصان التطبيع أن تركب على حمار التطبيع وتذهب إلى البيت الأبيض كي تطلب الرضا وتطلب فكلوا وجوده على الكراسي كثروا فوق صعوبه.